روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | القتل والإنتحار نفسيا ومعنويا!

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > القتل والإنتحار نفسيا ومعنويا!


  القتل والإنتحار نفسيا ومعنويا!
     عدد مرات المشاهدة: 2463        عدد مرات الإرسال: 0

¤ صور من العدوان نحو الذات والآخرين

هل هناك اقسى من اللذين يذبحون الآخرين بدون سكين وذلك بذبحهم معنوياً ونفسياً من قبل تصرفات البعض وخصوصا من لديهم نزعه عدائية وليس لديهم الجرأة على القتل بالسكين فيأتي القتل النفسي والمعنوي الذي لا يشعر به المجتمع ولا يجرمه، فكم من افرد يعيشون بيننا ويكال لهم المديح وهم مجرمون وقاتلون معنويا لأشخاص آخرين وكم من مربى للناشئة أو مربية يمدحون ويثابون لعدم وجود خدش أو أي شيء يبين ان الناشئة قد تعرضوا لأذى أو لظلم وأنهم سليمون معافون وينعمون بكل الصحة النفسية والسعادة والحقيقة غير كذلك فهو مذبوحون بدون سكين فلا يشعر بما إرتكب في حقهم من جرائم الا بعد حين ، وكم من الأسر لم تستطع السيطرة على تصرفات بعض الأبناء في فترة ما قبل المراهقة وخلالها والسبب يعود لذبحه الخفي آنذاك، بخلاف الجرائم المادية التي يُعاقب عليها القانون.

هناك جرائم من نوع آخر نقترفها ببساطة وأحياناً بمتعة وسادية، جرائم ليست مادية لكنها معنوية قاتلة وأكثر بشاعة وفظاعة فحرمان الآخرين من حقوقهم الاساسية وسلبهم حرياتهم وسعادتهم والحقد والحسد الدفين والتآمر عليهم والكيد والدس لهم والكلمات الجارحة كالسلاح المدمّر والغدر كالسكين المسنون والتلاعب بمشاعر الآخرين ذنباً لا يقل سوءاً ودونية عن باقي الذنوب والرذائل الأخلاقية.

ويعد الإكتئاب من أكثر الأمراض إنتشاراً في هذا العصر، وأصبح منتشراً بين فئات المجتمع وطوائفه، رغم إختلاف السن والمستوى الإجتماعى والإقتصادى والثقافى للأشخاص، وذلك بسبب عدم قدرة الإنسان على إحتمال بعض المواقف والضغوط النفسية والاجتماعية، مما ينعكس عليه سلباً، محدثاً خللاً في الحاله النفسية، والنتيجة -إصابة الإنسان بالاكتئاب- ونتيجة لإصابة العديد من الامهات بذلك يتعرض الأطفال لأن يصبحون عدوانيين ومكتئبين حيث إن الأطفال يحتاجون للمزيد من اللمسات والحنان والدعم النفسى والمعنوى أكثر من الكبار، ويسمى هذا التواصل بين الوالدين والطفل -التوافق- وعندما يصير الأطفال كبارا ينسون تلك الظروف ولا يذكرون هذه المواقف التي حدثت في الطفولة، ولكن تظل آثارها عميقة في النفوس، إذ يؤدى حرمان الصغار من التوافق إلى إنعدام التعاطف في نفوسهم عندما يكبرون، فيصبحون شخصيات مشوهة نفسياً تقترف العديد من الانحرافات وتعانى من السلوكيات غير السوية مثل القسوة الشديدة أو القتل.

قد تكون السجون ممتلئة بمجرمين إرتكبوا جرائم مادية بعدما قُتلوا معنوياً ربّما آلاف المرات. بعضهم تعرّض للتشويه النفسي في مرحلة الطفولة، إرتكبها في حقهم أقرباء وأصدقاء تفنّنوا في أساليب الظلم أو الجرح والإهانة، البعض لا يُجيد التعامل مع هذه المشاعر السلبية والطعنات المعنوية التي تُوجّه إلى ظهورنا كما إلى كرامتنا وكبريائنا لكننا حتماً نتجاوزها بكثير أو قليل من الألم ثم لا ننساها.

إن القاتل الحقيقى هو الذي يقتل الآخرين معنويا وينتهك معنوياتهم وكرامتهم بل ويعد أحد أهم الأسباب التي تدفع العديد من الاشخاص الى إرتكاب جريمة القتل بدم بارد فمن امن العقوبة أساء الأدب فهذا لاشك فيه ولاريب وربما يكون هناك العديد من الاشخاص هم ضحايا لآخرون ويحتاجون الى ارشاد وعلاج نفسي لأن هناك العديد من الجرائم تتم من منطلق نفسي بحت، وهناك العديد من الجرائم الشنيعة التي لم يسأل احد ما هي الأسباب النفسية التي ادت الى حدوثها وهناك العديد من الفجوات من غياب انظمه ولوائح وإجراءات لم نفكر فيها ويجب علينا ان نعمل بالأسباب لأنقاذ اطفال ابرياء من الذبح بسكين بارد.

هناك العديد من الجرائم تُؤدّي بالأطفال إلى عقد نفسية يصعب علاجها لاحقاً وبالمراهقين من ذوي الشخصيات الحسّاسة إلى الانتحار وبالبالغين الى الموت البطيء يأساً ومرضاً.

كثيراً جدّاً ما تقع أفعال لا تدخل ضمن أفعال الجريمة المنصوص عليها بالقانون، لكنها في واقع الأمر تُحقق الأثر الإجرامي نفسه فمن يقتل الآخر معنوياً أو يُجرّح كرامته بطريقة متعمّدة قد يتسبّب بصدمة نفسية عنيفة تُؤدّي أحياناً إلى الوفاة.

وما الجحود والنكران الذي يتعرّض له الوالدان بطريقة مؤذية وهو ما حدث لأحد الآباء الذي تركاه ابناؤه حتى وجد بعد عدة شهور وهو هيكل عظمى وعلية نظارة القراءة، ولإحدى الأمهات حينما تركها إبنها طريحة الفراش بلا عناية إلى أن سكنت الحشرات فمها، وما الخيانة التي ترتكب بشكل متعمد ومع سبق الإصرار والترصد إلا شكل من أشكال القتل المعنوي خاصة ذلك الذي يقوم على إنهاء الضحية بالمعاناة النفسية التي تسبّب أمراض نقص المناعة فتُؤدّي تلك الأمراض القاتلة إلى إنهاء حياة الضحية بنوع من أنواع القتل المعنوي الذي لا يقع بأسلحة بيضاء إنما باستمرار المعاناة النفسية.

ترى ما الذي يمنع تجريم هؤلاء الجناة الذين يتقنون الإيذاء النفسي خاصة تلك التي تقع في ميدان العمل لموظفين تعرّضوا بسبب ضغط العمل للوفاة، وهو تماماً ما قام به البرلمان البريطاني بإنشاء جريمة القتل المعنوي أو الاعتباري أو Corporate Manslaughter لتجريم حالات الوفاة التي تقع لموظفين بسبب ضغط العمل ما قد يُعدّ خطوة إلى الأمام في تجريم أفعال خطيرة تُسبّب إزهاق الأرواح ، وحتماً القوانين في مجتمعاتنا تحتاج إلى إضافة بعض الجرائم المعنوية بإعتبارها من الجرائم المؤدّية إلى الوفاة مع العمل على دعم وسائل الإثبات والإنتحار هو قتل النفس بطريقة متعمدة وهناك مصطلح آخر مقابل كلمة الإنتحار Suicide هو الفعل المدروس لإيذاء النفس Deliberate Self وقد يكون مجرد محاولة للإنتحار لم تتم أو قتل للنفس.

ويعتبر الإكتئاب النفسي هو السبب الرئيسي في معظم حالات الإنتحار وقد اصبحت حالات الإنتحار تكاد تكون ثابتة بصفة يومية، وهناك فرق بين الأزمات النفسية والإجتماعية التي تؤدي إلى التفكير في الإنتحار كحل للهروب من هذه الأزمات وبين الإضطرابات النفسية التي تؤدي إلى الإنتحار وفي مقدمتها الإكتئاب ورغم أن بعض الأشخاص يقدمون على الإنتحار دون أن يعرف عنهم الإصابة بالاكتئاب قبل ذلك إلا أن فحص ومراجعة حالات الإنتحار تؤكد أن نسبة كبيرة منهم كانوا يعانوا من حالات إكتئاب نفسي شديد في الوقت الذي أقدموا فيه على إرتكاب فعل الإنتحار وبالطبع فان اسباب هذا الإكتئاب قد ترجع للعديد من الضغوط النفسية والإجتماعية وعوامل الإيذاء النفسي الذي تعرضوا له في فترات معينة من حياتهم.

وتؤكد الشواهد والعديد من علماء النفس أن معظم الأمراض النفسية وحالات الإنتحار وأمراض الإكتئاب والإحباط خصوصاً إنما تعود أسبابها لشيء واحد وهو عدم الرضا عن الواقع والظروف المحيطة وعدم الرضا عن النفس، والعلاج السهل لذلك علمنا اياه النبي الكريم ألا وهو الرضا والدعاء على الظالم: رضيت بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله نبيا ورسولا فمن قال هذا الدعاء ثلاثاً حين يصبح وثلاثاً حين يمسي كان حقاً على الله أن يرضيه ولو يوم القيامة!!

الكاتب: د. أيمن غريب قطب.

المصدر: موقع المستشار.